التطوير المستدام للبيئة

على بعد حوالي 3500 كيلومتر من الساحل الغربي لجنوب أمريكا، توجد جزيرة الفِصح. ازدهرت الجزيرة قديما بالحضارة والحياة الطبيعية التي وجد فيها الكثير من الطيور والغابات الشاسعة المليئة ببعض من أطول أشجار النخيل في العالم. خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، واجهت الجزيرة الكثير من التحديات، وانهارت حضارتها، وأوشكت ثقافتهم وأعدادهم أن تنقرض. أحد أسباب هذا الانهيار له علاقة بالأشجار. كان سكان الجزيرة يقطعون الأشجار لتوفير الأرض للحقول الزراعية وللحصول على مواد البناء. سار الأمر بشكل جيد لبعض الوقت و تطورت الحضارة. لكن المشكلات بدأت عندما قاموا بقطع الأشجار بسرعة أكبر من سرعة إعادة نموها. بدون جذور الأشجار التي تبقى التربة متماسكة في مكانها،. إنجرفت التربة من على الجزيرة أثناء الأمطار الغزيرة بدون التربة لم تتمكن الأشجار ولا حتى غيرها من النمو ثانية، وبدون الأشجار، لا تجد الطيور مكانا لأعشاشها، لذا بدأت الطيور تندر أيضا، مما زاد من خلل النظام البيئي على الجزيرة والقدرة على توفير الطعام والمأوى وخدمات النظام البيئي الأخرى للسكان. ما حدث لجزيرة الفصح لم يكن الوحيد من نوعه. زاد سكان الجزر تطورهم كثيرا لإشباع حاجاتهم، واستخدموا موارد الطبيعة لإمداد هذا التطور، بسرعة أكبر مما يمكنها إعادة النمو خلاله، وبدون إعادة موارد بديلة في نفس الوقت. تطور من هذا النوع لا يمكن أن يدوم إلا لوقت محدود، لأنه يستنزف الموارد المطلوبة لاستمراره تحديدا. هذا ليس مستداما. نفس الشئ يحدث إذا تسبب التطور في التلوث الذي يسمم أو يدمر البيئة الطبيعية، بشكل أسرع من قدرة الطبيعة نفسها على التعافي. هل يجب أن يسير الأمر على هذا النحو؟ هل هذا التطور غير مستدام بطبيعته؟ هل علينا الاختيار بين التطور وبيئة صحية؟ أم هل نستطيع تخيل تطور مستداما؟ حيث استخدام الموارد، وإعادة الموارد، وإعادة النمو الطبيعي للموارد، كلها تتوازن معا، وحيث يتوازن التلوث مع قدرة الطبيعة على الإمتصاص والتنظيف والتعافي. تستخدم الزراعة المستدامة طرقا لا تستنزف المواد الغذائية من التربة، حتى يتسنى لمحصول العام التالي النمو أيضا، والتالي فالتالي. تستهلك الطاقة المستدامة الوقود بسرعة لا تتجاوز سرعة تجدده طبيعيا، وبطرق لا تخلف الملوثات في الهواء و تلقي بعبء ذلك على الجيل التالي. يستخدم الإنتاج المستدام فقط المواد التي يمكنها إعادة النمو أو يمكن إعادة تدويرها واستخدامها مرارا وتكرارا، حتى يتمكن أبناؤنا وأحفادنا من الاستمرار في الإنتاج. التطوير المستدام هو شيء أكبر من الحفاظ على البيئة. إذا أمكننا جمعه في جملة، فالتطوير المستدام هو: التطوير الذي يلبي احتياجات الحاضر بدون التضحية بقدرة الأجيال التالية على تلبية احتياجاتهم. ليس علينا إيقاف التطوير، ولكن علينا الحد منه إلى درجة تستطيع الطبيعة تحملها. توافق معظم الدول على أن التطوير المستدام شئ جيد ومرغوب به. لكن التطوير المستدام أيضا يطرح أسئلة عن العدالة والمساواة. الدول الغنية اليوم هي التي تحولت إلى دول صناعية مبكرا. لقد تمتعت بتطور اقتصادي هائل على حساب الطبيعة. هل يكون من العدل إذا أن تطلب هذه الدول اليوم من الدول محدودة الدخل التي بدأت لتوها بالصناعة أن تحد من تطورها لإنقاذ الطبيعة؟ كيف يمكننا إنشاء تطوير مستدام وعادل في نفس الوقت؟ لم يقل أحد أنها أسئلة سهلة، ولكنها أسئلة علينا حلها.