الإشعاع المؤين: مقدمة

عندما يصطدم بنا شئ ما، يمكن أن يحدِث كدمات، أو جروح، إذا كان كبيرا، وألقي بقوة. وعندما يصطدم بنا شيء صغير وخفيف، فبالكاد نشعر به. ولكن إذا صدمنا شيء متناهي الصغر بقوة هائلة، وبقدر كبير من الطاقة، فيمكن أن يسبب ضررا من نوع آخر. هذا ما يحدث عندما يصدمنا إشعاع مؤيِن. يسمى الإشعاع المؤيِن هكذا لأن به طاقة هائلة تمكنه من تحرير الالكترونات من الذرات والجزيئات، مما يحولها لأيونات. هذا يمكن أن يؤذي الإنسان والكائنات الأخرى. هذه إشارات تحذرنا من الإشعاعات المؤينة. مدى الضرر الذي يسببه لنا الإشعاع المؤين يعتمد على العضو الذي تعرض للإشعاع، وكمية الإشعاع. كلما زادت جرعة الإشعاع زاد الضرر. إذا تعرض الشخص للإشعاع، تزيد احتمالية إصابته بالسرطان في المستقبل. يمكن أن تتلف الخلايا التناسلية. وإذا تعرضت إمرأة حامل للإشعاع، فيمكن أن يصاب الجنين أو يموت. جرعة عالية جدا من الإشعاع يمكن أن تؤدي لنزيف أو جرح أو تشنجات أو الموت الفوري. الإشعاع المؤين على الجماد المعادن مثلا تصبح هشة وتنكسر أسرع. الأجهزة الإلكترونية يمكن أن تتلف. وبعض بعض أنواع الأشعة يمكنها جعل المواد مشعة، بحيث تصبح مصدرة للإشعاع بنفسها. هذه نواة ذرة مشعة، وكونها مشعه يعني أنها سوف تتفتت وتنحل. انحلال النواة يعني خروج جزء صغير منها بعيدا. عندما تتحلل النواة، تتغير ويصبح لها عدد مختلف من البروتونات، مما يحول الذرة إلى عنصر آخر. الجزء الصغير الذي يخرج يلقى بعيدا بطاقة هائلة. هذه النواة ينبعث منها إشعاع مؤين. حلل الإشعاعي ينتج ثلاث أنواع من الأشعة المؤينة، نوعان منها يتكونان من جسيمات، والثالث عبارة عن إشعاع كهرومغناطيسي. للأشعة الثلاثة، خصائص مختلفة، ولكن جميعها مؤينة. إشعاع ألفا ينبعث منه جسيمات يتكون كل منها من بروتونين ونيوترونين: جسيم ألفا. أشعة ألفا لا تصل إلى مسافات بعيدة. لا يمكنها الإنطلاق بعيدا في الهواء، ولا يمكنها اختراق جلد الإنسان. ولكن إذا أكلت أو استنشقت شيئا تنبعث منه أشعة ألفا، يمكن أن يضرك، لأن طبقة الجلد لم تعد موجودة، وتصل الأشعة مباشرة إلى الخلايا داخل جسدك. بيتا أيضا تنبعث منها جسيمات يتكون كل منها إما من إلكترون، أو بوزيترون موجب الشحنة. كلاهما يسمى جسيمات بيتا. تصل أشعة بيتا أبعد من أشعة ألفا. يمكنها اختراق الجلد، ولكن ليس لعمق كبير. أشعة بيتا أيضا تشكل ضررا أكبر عندما تأتي من داخل الجسم. يمكن أن تتراكم المواد التي تصدِر أشعة بيتا في الجسم لفترة طويلة، غالبا في الغدة الدرقية، حيث تُتلِف الخلايا المجاورة. النوع الثالث من الأشعة المؤينة القادمة من نواة ذرة متحللة هي أشعة جاما، وهي شكل من أشكال الإشعاع الكهرومغناطيسي، بتردد عال جدا وطاقة هائلة. شعة جاما ليست جسيمات، فهي ليست جزء من النواة. إنها تتكون من طاقة في شكل موجات كهرومغناطيسية مثل الضوء أو موجات الراديو، لكن ترددها عال جداً، أي أن طولها الموجي قصير. لذا فكل شعاع جاما به طاقة أكثر بكثير من أشعة الضوء العادية، وهذا ما يجعلها مؤيِنة. تصل أشعة جاما أبعد من أشعتي ألفا وبيتا. لإيقافها، نحتاج للوح من الرصاص بسمك عدة سنتيمترات. ثلاث أنواع من الأشعة لها خاصيتين مشتركتين: ينشأ كل من الثلاث أنواع بتتحلل نواة عنصر مشع، وكل منها مؤيِنة. نسميها أشعة ألفا وبيتا وجاما، نسبة للحروف الثلاثة الأولى من الأبجدية اليونانية.