البوذية والسياسة

ليس من المرجح للبوذيين أن يهتموا بالمسائل الدنيوية والسياسية. يتم الوصول للتنوير من خلال التأمل، والتركيز على رغبات المرء الخاصة واحتياجاته، وليس رغبات الآخرين. ولكن في بعض الأحيان تتصادم الشؤون الروحية والسياسية. ومن ثم ماذا حدث؟ هل يفكر جميع البوذيين بالطريقة نفسها؟ لا يسمح للبوذيين بالقتل، ولا إيذاء المخلوقات الأخرى. هذا هو السبب يحث الرهبان على تصفية المياه لتجنب قتل أي حشرة قد تكون سقطت بها. هل هذا يعني أنهم جميعا نباتيين؟ لا، إذ يتلقى الراهب أو الراهبة طعام يحتوي على لحوم بجولاتهم، فإنهم يأكلون اللحوم حينها. فالأهم أن تقبل ما تعطى، على عدم تناول اللحوم. تظهر تناقضات كهذه في مثل تلك الحالات. قد تكون القواعد بسيطة وواضحة، ولكن التفسيرات حول أفضل السبل لاتباع القواعد ليست كذلك. في بورما وسريلانكا وتايلاند. البوذية دين الدولة وحتى مع ذلك، اضطهد النظام البورمي المسلمين - الذين اتهموا الإرهاب. وقد أبلغ عن العديد من المعاملات الوحشية، وشارك بعض الرهبان في الاضطهاد. كما تلقت تايلاند وسريلانكا نقدا دوليا حول كيفية معاملتهم لأقلياتهم المسلمة. كما تمارس تايلند وسريلانكا عقوبة الإعدام. وماذا عن التبت؟ الزعيم الروحي للتبت -الدالي لاما يقاتل من أجل تحرر التبت من الصين. وحقق ذلك دون استخدام العنف. ونتيجة لذلك تم تكريمه بجائزة نوبل للسلام. ولكن هذا يحدث أيضا في التبت: يلقوا الرهبان أنفسهم في النار للاحتجاج ضد الصين. ينظر إلى هذه الاحتجاجات في بعض الأحيان أيضا على أنها سلمية. ولكن هل هم كذلك؟ من لا يسمح له بالقتل. هل يسمح له الانتحار؟ دعونا نتحقق مما يقوله بوذا في النصوص الدينية المكتوبة عنه. في بعض النصوص يقول شيئا مثل: الانتحار يخرق قاعدة عدم القتل. الإرادة لإنهاء حياة الفرد تكون سببها الرغبات والمشاعر - لذلك هذا يؤدي فقط إلى كارما سيئة وظروف أسوأ في الحياة القادمة. ولكنه أشاد في بعض النصوص الأخرى بالرهبان الذين يرتكبوا الانتحار. حيث لا شيء يربطهم بالحياة لدرجة جعلتهم يتركون كل شيء خلفهم للوصول إلى اَلنِّرْفَانَا. وإن كان بوذا قادرا على تأويل الانتحار بطرق مختلفة، فكذلك يمكن البوذيون الذين جاءوا بعده. يدان الانتحار في تيرافادا. وماذا عن ماهايانا؟ الانتحار لديهم شيء جيد "بالنسبة لأولئك الذين وصلوا إلى التنوير وليس للآخرين". وماذا عن إضرام النار بنفسه؟ "فتلك أعظم تضحية يمكن أن تقدمها." وبالتالي فإن وجهة نظر الانتحار تعتمد على أمرين: الأول، أي مذهب من البوذية تنتمي إليه . والثاني، والسبب وراء الانتحار. وينطبق هذا أيضا على الآراء المتعلقة بالإجهاض. يعتقد العديد من البوذيين أن الإجهاض فعل خاطئ، وبالعديد من الدول البوذية الإجهاض غير قانوني. ولكن لا بأس إذا كان السبب في الإجهاض هو حماية الوالدين أو الطفل من المعاناة . وينفذ في اليابان الكثير من حالات الإجهاض. ويقيمون هنا مراسم جنازة للأجنة المجهضة. أنها يقدمونها أضحية ل بوديساتفا جيزو – من أجل أن يعتني بهم إلى أن يولدون مرة أخرى. البوذية دين السلمي لمعظم متبعيها. ولكن كما هو الحال في الديانات الأخرى هناك عدة طرق لتأويل القواعد. وتختلف هذه التأويلات من شخص لآخر، و بلد إلى آخر، وبين مختلف المذاهب البوذية.